ليلى مال الله " فنانة استطاعت أن تفرض وجودها بقوة في الساحة الفنية وفي ظرف وجيز ، وبعد النجاح الكبير الذي لقيته في الملتقى الأول للفنون التشكيلية والفوتوغراف بمكناس في المغرب شهر مارس 2009، تمكنت من لفت الانتباه إلى أعمالها من طرف الكثير من المهتمين ، كما أنها ستحلق بعيدا في غضون الأيام القادمة إلى إحدى الدول الأوروبية الراقية في مجال في الفن التشكيلي ، إذ وقع الاختيار لتعرض إلى جانب صفوة من الفنانين العرب .
ولكن الفنانة "ليلى مال الله " المؤمنة بالنجاح والإصرار والتحدي أبت هذه المرة إلا أن تركب تجربة جديدة في مجال الإبداع وتبرهن على طاقة الكبيرة في الإبداع الفني، وستقدم هذه المرة في معرض القطيف أعمالا طباعية من الغرافيك ...فيها الكثير من اللمسات الفنية التي تنم عن رهافة الحس وعمق الرؤيا ....

تتشكل هذه الأعمال التي سيتم عرضها من خطوط وألوان ظن تتجاور في ما بينها بحميمية وتبتعد أحيانا دون ان تتنافر في تكوينات موزعة بشكل بعيد على قطع القماش التي اختارتها الفنانة سندا لأعمالها ..تاركة فسحة للعين للتأمل فيها عالم الفنانة ليلى مال الله ..هذا العالم الذي تتخفى وراءه محبل بالدلالات والرموز يستعصي على المتلقي أحيانا في الكشف عن المعاني الثاوية فيها ..مما يدفعه إلى بحث مستفيض لسبر أغوار الفنانة التي تشكل لغزا يصعب إدراك كنهه.
إن عالم الفنانة السعودية كما اعتدنا في جل أعمالها ليس عالما من الأحلام ، بل هو عالم أو عوالم من الحقائق والوقائع التي تتخذ كل مرة شكلا جديدا ومختلفا قد يكون شباكا مرتبطا بالحلم كما نجد عند الصيادين أو حضن أم يحتمي به كل إنسان كلما ألمت به إحدى نوائب الدهر ، كل هذه الوقائع تتحرك وتتحرك معها الشخوص منذ مدة دون أن تتوقف ، والساعة التي توجد في إحدى هذه الأعمال وان اغتالت الفنانة زمنا من دورانها فإنها لازالت تدور، وتدور معها الفنانة في حلقة مفرغة لم تستطع التخلص منها .. دوران وضياع دون أن يضيع البوح الأنثوي في جل أعمالها والتي تعبر عنه بقوة وبالكثير من الجرأة التي لا نغلو القول إذا قلنا إن قل نظيرها عند الآخرين .
والملاحظ في الأعمال الطباعية الجديدة أن الفنانة السعودية الكبيرة ليلى مال الله لجأت إلى اقتصاد كبير في الخطوط والألوان ..مما ترك للبياض حيزا هاما في كل أعمالها وترك لنا أيضا فسحة للتأمل وقراءة أعمالها بتأن قبل إصدار أي حكم عليها ..
وتجربة ليلى مال الله تجربة فريدة من نوعها في الفن التشكيلي بالمملكة العربية السعودية ، وفي حاجة إلى تشجيع ، وفتح أبواب جديدة لتحلق بفنها بعيدا وتتخطى الحدود ، لتكون أكثر نضجا وتعود بالنفع العميم على الفن في بلدها . لأن الفنانة ليلى مال الله بكل صراحة وبكل بساطة جديرة بالتألق .
------------------------------------------------
محمد سعود ناقد فني وفنان تشكيلي مغربي